أذكر ما روي عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في حلّ بعض المشكلات وفي جوابه عن بعض المعضلات العلميّة، سيّما وأن جوابه عتها كان بالبديهيّة، وبسرعة نادرة، ممّا يدل على علمه الربّاني الذي منحه إيّاه الباري عزّ وجلّ، وأنّه بحقّ وصيّ رسول ربّ العالمين (صلى الله عليه وآله)، وأنه باب مدينة علمه، وأنه مع القرآن، والقرآن معه، وانه مع الحق، والحقّ معه، يدور معه كيفما دار.
ومن المسائل البديهية والجميلة التي سئل بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):
1. سأله بعضهم يوماً: ابا الحسن! لماذا تتسرّع في إجابتك على كل سؤال، ولا تتأمل في الإجابة والسؤال؟!؟!.
فرفع الإمام (عليه السلام) يده الكريمة وأفرج عن أصابعه، وقال له: كم عدد هذه الأصابع؟.
فقال الرجل: خمسة.
فقال الإمام علي (عليه السلام): لماذا تسرّعت في الإجابة؟!.
فقال الرجل دلك سهل يسير.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): وكلّ سؤالٍ عندي سهل.
2. (عدد ينقسم على كل الأجزاء)
سأله أحد الصحابة عن عدد يقبل القسمة على /2-3-4-5-6-7-8-9-10 – وهو راكب فرساً له، فقال له مرتجلا: "اضرب أيام سنتك في أيام اسبوعك تحصل على مطلوبك ثمّ همز فرسه وانصرف (نذكر أن السنة هي حساب القمري أي 360 يوما)
فتكون النتيجة هكذا / 7 * 360 = 2520، أي أن هذا العدد يقبل القسمة على جميع الأجزاء التي ذكرت.
3. (عدد بنطبق على جميع الكسور):
روي عنه (عليه السلام) أيضاً أن يهوديا جاء اليه فقال: يا عليّ! أعلمني أي عدد يتصحح منه الكسور التسعة جميعا من غير كسر، وكذلك من كل من كسوره التسعة الا من خمسة، فيكون له كل من الكسور التسعة مصححا من غير كسر الا: الثمن لربعه، والربع لثمنه، والسبع لسبعه، والتسعة لتسعه، والثمن لثمنه.
قال (عليه السلام): إن أعلمتك تسلِم؟ قال: نعم.
فقال (عليه السلام): إضرب اسبوعك في شهرك، ثمّ ما حصل لك في أيام سنتك، تظفر بمطلوبك.
فضرب اليهودي سبعة في ثلاثين فكان المرتقى : (210)، فضرب ذلك في ثلاثمائة وستين، فكان الحاصل: (75600).
فوجد بغيته، فأسلم.
4. (قضيّة الجمال):
جاء إلى عليّ (عليه السلام) ثلاثة رجال يختصمون في سبعة عشر بعيراً: أولهم يدّعي نصفها، وثانيهم ثلثها، وثالثهم تسعها، فاحتاروا في قسمتها لأنه فيها كسور.
فقال (عليه السلام): اترضون أن أضع بعيراً مني فوقها وأقسمها بينكم؟.
قالوا: نعم، فوضع (عليه السلام) بعيراً بين الجمال، فصارت ثمانية عشر، فأعطى الأول نصفها وهو تسعة، وأعطى الثاني ثلثها وهو ستّة، وأعطى الثالث تسعها وهو اثنان، فأصبح المجموع: 9+8+2=17 ثمّ قال (عليه السلام) والآن أرجعوا لي البعير الذي أعطيتكم إياه.[/b]
5. (قضيّة الأرغفة)
جلس رجلان يتغذيان، وكان مع احدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة،، فلما وضعا الغذاء بين أيدهما! مرّ رجل فسلّم، فقالا: اجلس للغذاء، فجلس وأكل معهما، وأتوا في أكلهم على الأرغفة الثمانية. فقام الرجل وطرح إليهما ثامنية دراهم، وقال: خذا هذا عوضاً عمّا أكلت لكما، ونلته من طعامكما، فتنازعا.
قال صاحب الأرغفة الخمسة: لي خمسة دراهم، ولك ثلاثة،
فقال صاحب الثلاثة أرغفة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين.
وترافعا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقصا عليه قصتهما.
فقال (عليه السلام) لصاحب الأرغفة الثلاثة: قد عرض عليك صاحبك ما عرض وخبزه أكثر من خبزك فأرض بالثلاثة.
فقال: لا والله! لا رضيت منه الا الصواب، حرّ الحق – أي خالصه.
فقال عليّ (عليه السلام): ليس لك في حر الحق الا درهم واحد، وله سبعة دراهم.
فقال الرجل: سبحان الله يا أمير المؤمنين! هو يعرض عليّ ثلاثة فلم أرضَ، وتقول لي الآن أنه لا يجب لي في حرِّ الحق إلا بدرهم واحد؟!؟
فقال عليّ (عليه السلام): عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحاً، فلم ترض الا بحرِّ الحقّ، ولا يجب لك بحر الحق الا درهم واحد!.
فقال الرجل: عرفني بالوجه في حرّ الحقّ حتى أقبله!
فقال عليّ (عليه السلام): أليس للثمانية أرغفة أربعة وعشرون ثلثاً، أكلتموها أنتم الثلاثة، ولا يعلم الأكثر منكم أكلاً، ولا الأقل، فتحملون في أكلكم على السواء
فقال: بللا يا أمير المؤمنين!
فقال عليّ (عليه السلام): فأكلت انت ثمانية أثلاث، وليس لك الا تسعة أثلاث. وأكل صاحبك ثمانية أثلاث، وله خمسة عشر ثلثاً! أكل منها ثمانية فيبقى له سبعة.
فأنت لك واحد من تسعة، ولصاحبك سبعة من خمسة عشر.
فلك واحد بواحدك، وله سبعة بسبعته، فقال الرجل: رضيت الآن.