بدا المشهد اللبناني قاتماً حيث تشير المعلومات الى أن نزول المعارضة الى الشارع سيحصل هذا الاسبوع، وهو ما ابلغه وزير الدفاع الياس المر الى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء والتي عقدت يوم السبت الماضي، حين توقع بدء التظاهرات يوم غد الثلاثاء.
وعزز هذا التوجه انقطاع خطوط التواصل السياسي وتجمد المفاوضات قبيل الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء وهو ما أوحى أن أبواب الحوار أوصدت بشكل نهائي.
الا ان مصادر سياسية لم تستبعد ليل أمس «للديار» أن يجري خرق الجدار المسدود من خلال اعادة احياء التسوية التي كان يعمل عليها من خلال توسيع الحكومة الى ثلاثين وزيراً واعطاء المعارضة 11 وزيراً فيها على ان يلتزم اثنان من هؤلاء الوزراء بعدم الاقتراع على الملفات الكبرى.
وذكرت هذه المصادر ان فريق الاكثرية يستعد لتقديم هذا العرض من خلال الرئيس السنيورة الى الرئيس نبيه بري خلال الساعات القليلة المقبلة.
وحتى مساء أمس لم يكن قرار مجلس الوزراء بالموافقة على المسودة المتعلقة بالمحكمة الدولية قد وصل الى قصر بعبدا، حيث كانت دوائر القصر الجمهوري تقوم برد كل المراسلات التي ترسلها الحكومة لعدم اعتراف رئيس الجمهورية بها. مع العلم ان الرئيس لحود كان قد وجه رسالة الى رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة منذ ايام أبلغه فيها بأن هذه الجلسة هي غير قانونية وغير دستورية وانه بحل من اي شيء يصدر عنها.
الا ان مصادر رئيس الحكومة ابلغت «الديار» ليل امس ان قرار الحكومة سيتم ارساله الى قصر بعبدا اليوم.
المعارضة الى الشارع
في هذا الوقت تستعد المعارضة لبدء خطواتها في الشارع خلال الايام القليلة المقبلة. وحسب معلومات «الديار» فإن هذه التظاهرات ستشمل مناطق وساحات عدة في نفس الوقت بهدف تشتيت قدرة السلطة على التركيز على مكان واحد. وحسب ما جرى التخطيط له فإن هذه التظاهرات لن تنتهي بالخروج من الشارع بل ستحصل اعتصامات في عدة ساحات على ان يكون الاعتصام الأم في منطقة الوسط التجاري ومحيط القصر الحكومي كون الهدف هو الحكومة اضافة الى ان هذه المنطقة لا تعتبر منطقة سكنية. وقد جرى التحضير جيدا للمتطلبات اللوجستية للاعتصامات، بدءا من «الشوادر» وصولا الى الامور الاخرى كون الاعتصامات قد تأخذ وقتا لا بأس به.
وفي المعلومات ايضا ان منظمي التظاهرات وضعوا عشرة آلاف عنصر في «وحدة الانضباط» ومهمتهم مراقبة جميع المتظاهرين لمنع اي اعمال شغب او مخالفة للقانون، وان اي مشارك في التظاهرات سيحاول القيام بأي اعمال شغب سيجري إلقاء القبض عليه فورا وتسليمه الى الجيش اللبناني والقوى الامنية لاخذ التدابير القانونية بحقه.
مصادر سياسية شيعية
الا ان مصادر سياسية شيعية رأت ان خطوات عدة ستسبق النزول الى الشارع بحيث يكون الاعتصام هو آخر خطوة في مجال التصعيد.
ورجحت هذه المصادر ان تبدأ الخطوات مع اضراب «اداري» ثم انسحابات من اللجان النيابية ليصبح النزول الى الشارع اكثر فعالية، كونه في حال الوصول الى هذه المرحلة فان المعارضة لن تخرج منه الا بعد رحيل الحكومة كلها وتشكيل اخرى.
تحرك الحكومة
في المقابل ابلغ الوزراء المعنيون رئيس الحكومة بان القوى الامنية تجري تقييماً شاملاً للوضع وهي تضع كل السيناريوهات الممكنة من اجل التعامل معها وفق ما ينص عليه الدستور.
وحسب معلومات «الديار» ايضا فان الرئيس السنيورة اجرى خلال الساعات الماضية اتصالات مكثفة بالعواصم الغربية الكبرى لوضعها في صورة الوضع في لبنان. وسمع الرئيس السنيورة اهتماماً غربياً كبيراً بالواقع اللبناني وبان الدول الغربية تقوم بدراسة الوضع اللبناني عن كثب وانها بصدد التحرك في هذا الاتجاه من خلال تنشيط قنواتها الدبلوماسية.
التأزم المسيحي
في موازاة ذلك، لم يكن واقع الساحة المسيحية افضل حالاً بعد جريمة اغتيال الوزير الشهيد بيار الجميل، ذلك ان التشنجات المسيحية ظهرت دفعة واحدة وهو ما انعكس قلقاً لدى الصرح البطريركي في بكركي الذي قال أمس أن المسيحيين تفرقوا واصبح جمعهم صعباً جداً.
وفي المعلومات أن التحرك على خط جمع الاقطاب المسيحيين الثلاثة الرئيس امين الجميل والعماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع في بكركي وتحت رعاية البطريرك صفير بدأ بمبادرة شخصية من النائبين في كتلة التغيير والاصلاح سليم سلهب وفريد الخازن.
وكانت وجهة نظر البطريرك صفير مرحبة بهذه الخطوة الا أنه طلب أن يسبق اللقاء حصول تفاهم على ثوابت عامة لكي لا يؤدي فشل اللقاء الى ازدياد الوضع سوءاً.
وفي لقاء ثان جمع النائبين سلهب والخازن بالمطران يوسف بشارة في مقر المطرانية، رفع النائب السابق فارس سعيد ورقة تضمنت البرنامج السياسي الذي تبناه فريق 14 آذار لناحية حصول انتخابات رئاسية في البداية ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية، ثم انتخابات نيابية.
ولدى مراجعة النائبين سلهب والخازن البطريرك صفير، قال الأخير انه ليس هو من طلب هذه الورقة. وهو كل ما طلبه هو التفاهم مسبقاً على مبادىء وثوابت عامة، وأنه لا يتدخل في الحركة السياسية لكل فريق. وكل ما كان يريده من العماد ميشال عون هو موقفه بالنسبة لتشكيل المحكمة الدولية، وهذا ما اوضحه العماد عون، وهو يكتفي بذلك. أما في الامور السياسية الأخرى فلكل فريق حرية حركته.
لكن ما دفع البطريرك الى اطلاق كلامه أمس والذي جاء كإنذار أكثر منه من زاوية الإحباط، هو الفشل في تهيئة المناخ لكي يقوم العماد ميشال عون بواجب التعزية في بكفيا.
ذلك ان المطرانين رولان أبو جودة وسمير مظلوم زارا الرابية ثم بكفيا موفدين من البطريرك صفير لتأمين حصول واجب التعزية، الا أن الرئيس الجميل ابلغ المطرانين أن الظروف غير مؤاتية الآن لحصول الزيارة وأنه من الافضل تأجيلها قليلاً ريثما تصبح الظروف مؤاتية أكثر.
الا أنه ومع حصول زيارة وفد من حزب الله الى بكفيا لتقديم واجب التعزية وبقاء الامور على حالها بالنسبة لزيارة العماد عون، قطعت لدى البطريرك صفير آخر خيوط الأمل بإمكانية جمع القادة المسيحيين الثلاثة ودفع به الى اطلاق تحذيره عبر وسائل الاعلام.
مندوبو التحرير
مصادر قصر بعبدا
من جهة اخرى، اوضحت مصادر قصر بعبدا ان عدم ايفاد رئيس الجمهوية ممثلا عنه الى المأتم الذي اقيم للوزير الشهيد وقيامه بواجب التعزية، يعود الى رغبة الرئيس لحود بعدم احراج عائلة الشهيد او التسبب بردود فعل لا سيما بعدما وردت معلومات من احد الاجهزة الامنية تفيد ان عناصر تنتمي الى احد التنظيمات السياسية تنوي القيام بتصرفات ضد المشاركة الرئاسية في الجناز والتعزية مما حال دون حصول هذه المشاركة منعا لزيادة اجواء التشنج والانفعال التي تسيء الى روح الشهيد وذكراه، واحتراما من رئيس الجمهورية لحركة الموت وسمو الاستشهاد.
وفد حزب الله في بكفيا للتعزية
الى ذلك، زار وفد من حزب الله ضم الوزيرين المستقيلين محمد فنيش وطراد حمادة والنواب محمد رعد وعلي عمار وامين شري وبيار سرحال وعضو المجلس السياسي غالب ابو زينب بكفيا وقدم التعازي للرئيس امين الجميل وعائلته باستشهاد الوزير والنائب بيار الجميل، وبعد تقديم التعازي للرئيس امين الجميل وعائلته في بكفيا باستشهاد الوزير والنائب بيار الجميل، وبعد تقديم واجب العزاء عقدت خلوة قصيرة لربع ساعة حضرها الى جانب الرئيس الجميل واعضاء الوفد رئيس الحزب كريم بقرادوني وعضو المكتب السياسي جورج شاهين والسيد ميشال مكتف، ونقل النائب محمد رعد خلال الخلوة التعازي الى الرئيس الجميل وافراد العائلة باسم الامين العام للحزب باستشهاد الشيخ بيار وقال: ان الجريمة مستنكرة بكل المقاييس واننا باسم الجميع نجدد الادانة واعتبار ما حصل استهدافا لرمز كبير وشخصية كبيرة من بيت كبير وعريق، ولا يسعنا الا ان نؤكد على استمرارنا بالحوار والسعي على استمرارنا بالحوار بحثا عن المخارج قياسا على حرصنا الدائم على السلم والاستقرار وافساح المجال امام كل قنوات الحوار.
وقال الرئيس الجميل: لقد تأثرت كثيرا لمضمون الاتصال الذي اجراه السيد حسن نصرالله امس وقد شكل كلامه بلسما على الجرح الذي اصابنا، وامنيتنا نحن جميعا افراد العائلة ان يكون لهذا الاستشهاد معنى وهدف القيامة قيامة لبنان فنتجاوز الازمة الخانقة التي نعيشها، هذا البيت فقد اليوم بيار وهو الشهيد الخامس للعائلة، وفي مثل هذه الحالات لا فرق بين شهادة بيار وشهادة هادي كلاهما استشهدا من اجل لبنان. ولذلك آن الاوان لنفكر بثقافة الحياة بدل ثقافة الموت وبالوفاق وبالكلام الذي يبني والمبادرات التي تعمر، اننا نعيش ازمة سياسية يسودها التشنج وبات كل طرف اسير مواقفه، وعلينا البحث عن طريقة لتجاوز هذا المأزق والتفكير بما يمكن ان نقدمه للمستقبل، فنجنب البلاد المزيد من المآسي، ومهما حصل سنعود بالنتيجة كما في كل الازمات الى طاولة الحوار.
الحريري
من جهة اخرى اعرب رئيس كتلة «المستقبل« النيابية لـ «سي أن أن» عن اعتقاده بأن لسوريا يدا في اغتيال الوزير بيار الجميل وسائر الاغتيالات الاخرى وقال: «هم سيستمرون بإنكار كل هذه الاغتيالات الى ان يغتالوننا جميعا».
ولفت الى ان الدافع وراء هذه الاغتيالات هو محاولة عرقلة المحكمة الدولية وتوقع ان لا يصادق رئيس الجمهورية على مشروع المحكمة لأنه دمية في يد الحكم السوري وسيستمر في وضع العصي لعرقلة اقرار هذه المحكمة من اجل حماية من يمكن ان يكـون قـد ارتكب هـذه الجـرائم الارهابية.
واكد النائب الحريري الى انه ليس لحزب الله دور في الاغتيالات التي تحصل ولكن لسوء الحظ فإن حزب الله وبعض حلفاء سوريا في لبنان وهم لبنانيون يقومون بحماية النظام السوري خدمة لمصالحهم الخاصة.