كتب : صالح النعامي
" زلزال في الجيش " هذا هو التوصيف الذي أطلقته بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية على القرار الدرامتيكي الذي أتخذه الجنرال دان حالوتس، رئيس هيئة أركان الجيش والذي أطاح بالجنرال اودي آدم قائد المنطقة الشمالية في الجيش من قيادة المعركة في مواجهة حزب الله، وعين بدلاً منه الجنرال موشيه كابلينسكي، نائب رئيس هيئة الأركان، على الرغم من محاولة مكتب حالوتس والناطقة بلسان الجيش الجنرال ميري ريغف التخفيف من وقع الحدث الكبير، وتبرير الإجراء وكأنه يأتي في إطار توجه رئيس هيئة الأركان لتعزيز التنسيق بين قيادة الجبهة الشمالية وهيئة الأركان، إلا أن جميع الجنرالات المتقاعدين وكل المعلقين العسكريين والسياسيين في الدولة العبرية الذين تحدثوا حول هذا التطور أكدوا أن هذا الإجراء جاء بسبب فشل الخطط العسكرية والاعمال الميدانية وكما يقول روني شيلدهاف المراسل العسكري لإذاعة الجيش الإسرائيلي في تحليل للقرار بأنه مما لا شك فيه أن القرار يعبر عن حجم الاحباط الذي يسود القيادة العسكرية والسياسية من تعثر المعركة في مواجهة حزب الله، وعجز الجيش عن حسم المعركة على الرغم من مرور نحو شهر.
جميع المراسلين العسكريين أكدوا أن القرار جاء بسبب عدم قدرة آدام وطاقم الجنرالات الذين يعملون معه على ادارة المعركة، ناهيك عن عجزه عن توظيف القوات الكبيرة التي دفع بها لساحة المعركة، الأمر الذي أحرج قيادة الجيش، حيث أنه يعمل تحت امرة آدام عشرة الاف جندي ومع ذلك لا يبدو أنه قادر على حسم المعركة في مواجهة بعض مئات من مقاتلي حزب الله، كما يقول روني دانئيل المعلق العسكري للقناة الثانية.
ألون بن دافيد المراسل العسكري للقناة العاشرة أكد أن قرار الإطاحة بآدام حظي بتأييد كل من رئيس الوزراء ايهود أولمرت ووزير حربه عمير بيريتس اللذين اصابهما الإحباط والحرج الشديد بعد أن تبين أن ما قاما به من كيل المديح لقادة الجيش كان في غير مكانه مطلقاً. وهناك من يقول في الجيش إن الجنرال آدام قد مهد للهزيمة أمام حزب الله عندما قال في تعقيبه في تصريح صحافي على عدد القتلى الكبير من جنود الاحتلال في المعارك في مواجهة حزب الله بأنه " لا يعد الجثث أثناء المعارك "، في إشارة الى تسليمه بسقوط هذا العدد الكبير. اللافت للنظر أن الجنرال آدام هو جنرال بارز وذو تاريخ عسكري كبير، كان قائداً لسلاح المدرعات، واصبح فيما بعد قائداً لفرقة منطقة الجليل، الى جانب ذلك فهو نجل الجنرال يوكتئيل آدام نائب رئيس هيئة الأركان الذي قتل بنيران حزب الله اثناء الغزو الإسرائيلي للبنان في العام 1982، وكان قبل قتله مرشحاً لتولي منصب رئيس جهاز " الموساد ". وفي حادثة نادرة خرج الجنرال آدام واجرى مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي الثلاثاء الماضي، حيث أبدى امتعاضه الشديد من قرار حالوتس.
حرب جنرالات
الأمر الذي أجمعت عليه وسائل الإعلام أن القرار قد مس بمعنويات الجنود. وكما يقول المعلق العسكري أمير أورن في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية فإن القرار اظهر للجنود ولذويهم أنهم لم يكونوا في يَدٍ قادرة على التوجيه، وأنه قد كان من الممكن حفظ أرواح بعض الجنود الذين قتلوا في المعركة. ومن ناحية ثانية، الى جانب الاعتبارات المهنية التي أطاحت بآدام، يرى الكثير من المعلقين أن وراء القرار اعتبارات شخصية، الأمر الذي جعل بعض المعلقين يطلقون على ما يجري " حرب جنرالات ". الجنرال اوري ساغيه الذي شغل في السابق منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قال لإذاعة الجيش الإسرائيلي: لا ينبغي الإطاحة بآدام فقط، بل بأولئك الذين عينوه في هذا المنصب. وأضاف ساغيه أنه تولد انطباع لدى قيادة الجيش أن الجبهة الشمالية أصبحت هادئة، وبالتالي بالإمكان تعيين قائد غير مبدع، الأمر الذي وجد تعبيره في الخسائر التي تتكبدها إسرائيل في الحرب.
سوابق
في كل تاريخ إسرائيل لم يحدث أن تم أُقصي قائد اثناء المعركة إلا مرتين فقط. في حرب العام 1973 عندما تبين ضعف أداء قائد المنطقة الجنوبية الجنرال شموئيل جورودوش، وعجزه عن إدارة المعركة في مواجهة الجيش المصري، فاستُبدل بالجنرال حاييم بارليف. وقبل يوم من اندلاع حرب العام 1967 انهار رئيس هيئة الأركان إسحاق رابين، فاستُبدل بعض الوقت بالجنرال عيزر وايزمان.
الخميس ديسمبر 28, 2006 1:14 pm
