<H2>«شبح لبنان» يلاحق الجنود الإسرائيليينجنود إسرائيليّون يجوبون شوارع بلدة الغجر اللبنانيّة المحتلّة (أرشيف-رويترز)حيفا ــ فراس خطيب
أربعة أشهر انقضت على العدوان وشبح حرب لبنان لا يزال يلاحق جنود الجيش الإسرائيلي الذي «يلملم جراحه»، وآخرها «النفسية».
فقد أشارت معطيات نشرتها القناة الاسرائيلية العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي إلى أنَّ أكثر من 200 جندي إسرائيل ممن حاربوا أثناء العدوان الأخير على لبنان، تقدموا بـ «طلبات رسمية» لوزارة الدفاع الاسرائيلية كي تزودهم بـ «العلاج النفسي»، نتيجة إصابتهم بـ«صدمة الحرب» في أعقاب العدوان.
وأوضحت القناة أنَّ هؤلاء لم «يصابوا بجروح اثناء القتال، لكنَّهم أصيبوا من الداخل»، عارضة «الحالات النفسية الصعبة»، التي يعيشها هؤلاء منذ نهاية الحرب؛ فمنهم من يشعر فجأة بأن «بيته يتعرض للقصف»، وآخر «يمشي في حيفا متخيلاً إياها لبنان»، ومنهم من يتخيل نفسه اثناء مشاهدته لفيلم «جريحاً لا يتحرك ومن حوله قصف مدمر».
وتبين أنَّه في أعقاب العدوان على لبنان، لم تفصح وزارة الدفاع الإسرائيلية حتى الآن عن أرقام محددة للجنود. وترى أوساط أمنية أنَّ الكشف عن هذه الأرقام «سيظهر اسرائيل ضعيفة»، إلا أنّ القناة العاشرة أشارت إلى أنه «لا يمكن حرباً صدمت المسؤولين الكبار في إسرائيل، ألا تترك أثرها في نفوس الجنود البسطاء».
ويقول الجندي «أ» (35 عاماً وأب لثلاثة)، يسكن مدينة «نتسيرت عيليت» الواقعة شمالي مدينة الناصرة، إنّه «يتذكر جيداً ما جرى». كان الجندي مع مجموعة من الجنود الاسرائيليين في أحد البيوت في قرية عيتا الشعب اللبنانية. أطلق مقاومو حزب الله صواريخ باتجاه البيت وألحقوا بالجنود أضراراً جسيمة.
لم يصب الجندي «أ» بجراح تذكر، واستطاع الهروب من «اطلاق النار». وبعد دقائق فهم أنَّه «بدأ يخسر نفسه». قال «إن كل ما أراده في تلك اللحظة هو أن يحفر في الأرض وأن يدفن رجليه»، مضيفاً أنه «وصل إلى حالات صعبة للغاية وبدأ يرقص ويغني ويضحك من دون وعي».
يجلس «أ» اليوم في بيته في «نتسيرت عيليت» ولا يخرج. يشاهد الافلام طوال الليل من دون أن ينام. يتخيل في أحيان متقاربة أنَّ هناك هجوماً على بيته، ويتخيل بأنَّ هناك مقاتلين خارج البيت يريدون احتلاله، ويرمون القنابل باتجاهه، ويتخيل نفسه جريحاً، على الرغم من أنَّه مستيقظ، ويبدأ بالصراخ باتجاه غرفة زوجته لكي تهرب مع الأولاد، من دون أن يملك القدرة على التحرك.
جندي آخر، يدعى ديما كلاين، يعيش في مدينة حيفا تحدث للقناة قائلاً إنه «أحياناً، ومن دون وعي، يضغط على رأسه بيديه ليقنع نفسه بأنَّه ليس في لبنان»، مشيراً إلى أنَّ «شيئاً من الداخل يقول لي إن هذا فلاش باك». وكلاين لا يخرج من البيت كثيراً. ويقول «عندما أمشي في حيفا، أظن أني في لبنان».
وينهي أحد الجنود بالقول: «أصعب الأمور هي التي لا تزال مفتوحة. من ناحيتي، أشعر بأنَّ الحرب لم تنته بعد». ويصف التقرير الجندي بأنه يخرج إلى شرفة بيته الواقع في حيفا، ولا يرى حيفا، بل يرى لبنان. والجندي يؤكد: «انظر... لديك هذا الحي في حيفا، الذي يشبه القرية اللبنانية، وإلى جانبه البحر. ماذا بقي؟ بالضبط مثل لبنان».
</H2>